دباغة دمشق من سيىء إلى أسوأ

دباغة دمشق من سيىء إلى أسوأ
قافلة الإصلاح لم تمر والتمويل يعوق حسم النقل إلى عدرا أو حلب

لاندري إن كانت وزارة الصناعة ستلحظ مكاناً لشركة دباغة دمشق ضمن إطار دراساتها التي بدأتها بخطة متكاملة لتطوير صناعة الجلود والدباغة في خطوة تلحق بخطة تطوير صناعة الغزل والنسيج التي تمت الموافقة عليها مؤخراً في رئاسة الوزراء، وما يدعو لهذا السؤال هو الوضع الإنتاجي والتسويقي الذي باتت تعاني منه هذه الشركة في ظل عدم وجود رؤية واضحة لإمكانية استمرارها في العمل بوضعها الراهن الذي بات يطرح الكثير من التساؤلات خصوصاً وأن موقعها بات ضمن ما يدعى تنظيم شرقي باب شرقي التابع للعاصمة وأن تكلفة نقلها إلى مدينة عدرا الصناعية وإقامة منشآت جديدة فيها يصطدم بعقبة التمويل وربما الجدوى وخصوصاً في ظل منافسة منتجات القطاع الخاص لها وبين هذا وذاك لا يزال مصير الشركة بانتظار الحسم.

مسيرة تعثر
وحتى يحين ذلك الحسم وتتضح رؤية وزارة الصناعة لمستقبل هذه الشركة التي كانت في يوم من الأيام إحدى أهم شركات قطاعنا العام الصناعي والتي تتمتع بخبرة في مجال عملها فإن الشركة تستمر في السير من سيىء إلى أسوأ وهي المسيرة التي بدأت منذ العام 1991 الذي شهد صدور قرار إلغاء حصر الجلود والذي أثر سلباً على توفر المادة الأولية لهذه الصناعة محلياً والتي استمرت هذا العام الذي زاد الوضع فيه سوءاً مع ضعف السيولة المالية الذي تعانيه الشركة وعدم قدرتها على تأمين جلود البوكس اللازم لها من مصادره الأساسية في اليمن والسودان والذي ترافق مع تسريح عدد كبير من عمال الإنتاج الذين بلغوا الستين من عمرهم والذين لم يتم تعيين بدلاء لهم.
تلك العوامل التي ضاعفت من مشاكل الشركة وهي التي تعاني من العديد من العقبات الإضافية الأخرى ومنها صعوبة تحصيل ديونها المستحقة على العديد من جهات القطاع العام وذلك على الرغم من صدور قرار إنهاء التشابكات المالية وقدم الآليات المملوكة والتي تكبد الدباغة نفقات إضافية نتيجة الأعطال المتكررة والتي تتعرض لها إضافة للنقص في السيولة المالية اللازمة لتأمين مستلزمات الإنتاج وضمان سير العملية الإنتاجية والنقص في اليد العاملة الفنية المتخصصة بشكل خاص وتراجع عددها والتي يضاف إليها الارتفاع الحاصل في أسعار المواد الأولية اللازمة للعملية الإنتاجية والصعوبة الكبيرة في تأمينها عن طريق المناقصات والتي تترافق مع الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي والذي أثر سلباً على العمل.

أرقام ومؤشرات
ووسط هذه الظروف بدت المؤشرات الإنتاجية والتسويقية لأعمال الشركة خلال العام الماضي مقبولة مقارنة بالأوضاع التي تحيط بعملها حيث سجل 2011 إنتاج 8069 سترة جلدية و264 ألف قدم من جلود البوكس وبيع 8329 سترة جلدية و264 ألف قدم من جلود البوكس.
وهي الأرقام التي تمثل 73٪ من خطة إنتاج الستر الجلدية و34٪ فقط من إنتاج جلود البوكس و76٪ من خطة مبيعات الستر الجلدية و34٪ من خطط بيع جلود البوكس.
علاج بالمقترحات
وفيما تبدو مواضيع رفد الشركة باليد العاملة الخبيرة والمتخصصة من كافة الفئات وتأمين السيولة المالية اللازمة لعمل الدباغة عن طريق القروض وتحديث وسائل النقل القديمة ومعالجة التشابكات المالية الحاصلة ما بين تلك الشركة وجهات القطاع العام الأخرى مواضيع مهمة لبيان استمرارية الشركة فإن الأمر المهم أيضاً وبحسب نبيل بركات رئيس نقابة الصناعات الخفيفة في اتحاد عمال دمشق هو الأسرع في حسم أمر الشركة لجهة نقلها إلى المدينة الصناعية في عدرا أم لا ولاسيما في ضوء صدور قرار وزير الصناعة رقم 1916 تاريخ 30/5/2010 المتضمن اقتراح نقل معدات الشركة إلى شركة دباغة حلب وتوزيع العاملين فيها إلى جهات إدارية وإنتاجية أخرى والتفاوض مع محافظة دمشق لتحديد قيمة الأرض التي تقوم عليها معامل الشركة والتي تقع وكما أسلفنا في تنظيم شرقي باب شرقي.
وأشار بركات إلى كون بقاء الشركة في موقعها المذكور غير مقبول نظراً للروائح الكريهة الناجمة عن دباغة الجلود وتصنيعها مبيناً أن التنظيم النقابي وانطلاقاً من حرصه على الدور الوطني للقطاع العام الصناعي اقترح تقدير القيمة التخمينية للأرض التي تملكها الشركة في منطقة شرقي باب شرقي وبيع تلك الأرض التي تبلغ قيمتها الملايين من الليرات السورية لمحافظة دمشق ليتم وعبر تلك القيمة شراء مقسم في مدينة عدرا الصناعية من أجل إشادة شركة دباغة حديثة ومتطورة فيه علماً أن المدينة تحوي محطتي معالجة مياه خاصة بتلك الصناعة التي وصفها بالاستراتيجية ولاسيما أن إنتاجها يلبي حاجة مهمة للسوق وللعديد من جهاتنا العامة المختلفة.

أخيراً
وبين مجمل هذه الظروف الإنتاجية والتسويقية الصعبة وعدم التزام العديد من الجهات العامة بتسديد الديون المستحقة للشركة وبقاء مصير انتقال الشركة بآلاتها ومعداتها إلى شركة دباغة حلب وبعمالها إلى الجهات الإدارية الأخرى.
تبقى شركة دباغة دمشق تخوض صراع المصير إما الاستمرار في التطوير في الأداء والإنتاج وإما التلاشي والاضمحلال بما يعنيه ذلك من خسارة لواحدة أخرى من شركات قطاعنا العام الصناعي الذي ينتظر إصدار قانون إصلاحه كما تنتظر شركة دباغة دمشق الموقع المنتظر لها ضمن رؤية وزارة الصناعة لتطوير صناعة الجلود والدباغة كواحدة من أهم صناعتنا التي توفر مصدر العيش للكثير من العاملين والتي تدعم اقتصادنا الوطني وإن كان بشكل أقل في المرحلة الراهنة مقارنة بالمرحلة الماضية.

نعمان آصلان
nmnaslan@yahoo.co