عدد المساهمات : 297 نقاط : 5648 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 07/10/2011 العمر : 35 الموقع : سوريا حلب
موضوع: نقطة ساخنة الخميس فبراير 16, 2012 1:10 pm
نقطة ساخنة حين تقع الطيور بحجرٍ واحد! خلصنا في زاوية الأسبوع الفائت إلى القول بعدم وجود مفهوم واضح لدينا للتقاعد المبكّر، أصلاً لعدم وجود هذا المفهوم حول التقاعد بعنوانه العريض كجزءٍ أساسي من نظام أوسع وأشمل عنوانه «التكافل الاجتماعي»، ومن هنا يأتي الارتباك الذي أدّى إلى أفكارٍ مبعثرة على مفارق الدروب منذ تشرين الثاني 2005 حتى الآن.. جهود الحكومة السابقة لم تثمر في صياغة رؤية واضحة عن نظام متكامل للتكافل الاجتماعي لأنها كانت مسكونة بأوهام السياسات الاقتصادية الليبرالية، ولا جهود الحكومة الحالية تمكّنت من إيجاد التوليفية المطلوبة لرغبات الشركاء الثلاثة، والتي تذهب كلٌّ منها في سياقٍ مختلف عن السياقين الآخرين..! ففي رواق المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مازالت اللجنة المشكّلة للتقاعد المبكّر والتي تضم ممثلين عن وزارة المالية واتحاد نقابات العمال تدرس من وكيف تدفع الفاتورة السخيّة لمشروع كهذا بعد تقسيم المستفيدين منه إلى ثلاث شرائح: الشريحة الأولى والتي تضم العاملين الذين لم يتمّوا خدمة 25 سنة، فيكون التقاعد المبكر بالنسبة لهم اختيارياً، وتضاف لخدماتهم 5 سنوات. أما الشريحة الثانية التي تضم العاملين الذين أتمّوا ثلاثين سنة، فيكون التقاعد المبكّر بالنسبة لهم اختيارياً أيضاً وتضاف لخدماتهم 5 سنوات والعلاوات التي يستحقونها خلالها وأجرة شهر عن كل سنة خدمة. وأما الشريحة الثالثة التي تتناول من وصلت خدماتهم إلى /35/ سنة فيكون لهم جميع مزايا الشريحة الثانية وجميع العلاوات ومرتب الشهر وسواها، ولكن التقاعد المبكر بالنسبة لهم سيكون إلزامياً وليس اختيارياً. موقف الاتحاد العام لنقابات العمال أكد أن التقاعد المبكر ليس من الأولويات وحتى لو كانت ثمة حاجة أو ضرورة آنية له فيجب أن يكون طوعياً واختيارياً وبناءً على رغبة العامل وبما يحفظ له حقوقه دون أي انتقاص، كذلك يرى قياديو الاتحاد العام أنه يأتي بمشكلات نحن الآن بغنى عنها، وفي مقدمتها مشكلة التمويل وخلق كتلة جديدة إضافية والدفع بها إلى أسواق العمل وإفراغ مؤسسات الدولة من جزء من عمالتها الماهرة وخبراتها وكفاءاتهابعد أن تعلّمت وتدربت لسنوات طويلة فيها. نأتي بعد ذلك للرد على ما يُقال «كلما دقّ كوزٌ بجرّة» من أن التقاعد المبكر يسهم إسهاماً مباشراً في خلق فرص عمل جديدة وفي حلّ مشكلة فائض العمالة لدى القطاع العام، ونقول: لا يؤدي التقاعد المبكر إلى خلق فرص عمل في أيّ شكلٍ من الأشكال وتحت أي ظرف من الظروف.. فالُمحالون إلى المعاش مبكراً، على افتراض صدور القانون في القريب العاجل، ليسوا أكثر من نقطة في بحر الوافدين إلى سوق العمل سنوياً.. صحيحٌ أنهم يُخلون بعض الشواغر كيما يتعين ملؤها بعدئذٍ، لكن مشكلة المشكلات ستظلُّ تراوح في مكانها، إلا إذا كنا نريد حصر المشكلة فيمن يتقاعد مبكراً حيث يستطيع أن يجد فرصة عمل أكثر من غيره نظراً لخبرته السابقة أو نظراً لقبوله بأجرٍ أقلّ يضاف إلى مرتب التقاعد.. وينطبق القول ذاته تقريباً إذا ما تحدثنا عن موضوع فائض العمالة ذي الشجون التي لا تعدّ ولا تحصى.. وعلى أي حال، نحن لا نستبعد في ذلك كله المعجزات التي يمكن لبعض المسؤولين الاقتصاديين عندنا القيام بها، وفي مقدمتها إصابة ثلاثة طيور«وربما أكثر» بحجرٍ واحد.